سمحت وزارة التجارة التركية، ابتداء اليوم الثلاثاء، بعبور السيارات السورية، سواء كانت خاصة أو تجارية، عبر المعابر البرية بين سورية وتركيا، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين بعد فترة طويلة من التقييدات التي فرضتها الظروف السياسية والتطورات الإقليمية منذ عام 2011. يأتي القرار استباقاً لزيارة وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو إلى سورية اليوم الثلاثاء، لبحث تحديث البنية التحتية والنقل البري والجوي والسككي، وتقديم الخبرة التركية لقطاع النقل بسورية.
كما يأتي القرار بعد زيارة وزير التجارة التركي إلى دمشق الأسبوع الماضي وتتمة لمساعي تركيا لتحسين العلاقات الاقتصادية مع سورية، بعدما شهدت التجارة بين البلدين انتعاشاً كبيراً قبل عام 2011، حيث كانت تركيا تُعد من أبرز الوجهات الاستيرادية للسوق السورية. ويرى مراقبون أن هذا القرار يمثل خطوة هامة نحو إعادة تفعيل التبادل التجاري بين تركيا وسورية، الذي بلغ أكثر من ثلاثة مليار دولار قبل عام 2011 ومن ثم تراجع بسبب مقاطعة النظام البائد من جراء الموقف التركي المؤيد للثورة.
ويشترط القرار على السيارات التي تدخل الأراضي التركية ضرورة إجراء تأمين إلزامي طوال فترة بقائها في تركيا وأن تكون السيارات، بدلاً من الشاحنات أو الحمولات الأخرى، هي الوسيلة المسموح لها بالعبور عبر المعابر، وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها.
وقال مدير النقل السابق بمحافظة إدلب الحدودية مع تركيا محروس الخطيب إن قرار فتح المعابر الحدودية أمام السيارات، بعد إغلاقها منذ نحو 14 سنة، سيزيد الحركة التجارية بين البلدين نظراً لقرب الحدود وقلة تكاليف النقل، مشيراً إلى أن المنتجات التركية سدت الفراغ السلعي بأسواق المناطق المحررة على مدى عشر سنوات، واليوم سيأخذ التبادل التجاري الوضع الذي كان عليه قبل الثورة، أي "التعامل الطبيعي، مثل دول جوار تركيا، وأزيلت حالة الطوارئ مع سورية".
وأضاف الخطيب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القرار ركز على السيارات الخاصة، إذ ومنذ اليوم يمكن تأمين السيارة السورية الخاصة والدخول إلى تركيا، لافتاً إلى أن العبور من أوروبا عبر تركيا وسورية للخليج (الترانزيت) لم يتضح بعد، لأنه بالعادة يكون وفق مبدأ "المعاملة بالمثل" وكثير من الدول ما زالت ترى عبور الشاحنات التجارية عبر سورية غير آمن تماماً، مشيراً إلى أن مركبات نقل البضائع من البلدين وإليهما سيزيد نشاطها بعد القرار، وبالتالي سيزيد حجم التبادل نظراً للحاجة الكبيرة بالسوق السورية التي تعاني من نقص بعض السلع، وحاجة سورية بشكل عام لإعادة الإعمار وللبضائع، حيث تم إلغاء القيود السابقة وعادت التجارة وفق الإجراءات السابقة.
وتكشف مصادر تركية عن زيارة وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو لسورية، اليوم، لاستكمال بحث خطة عمل تركية شاملة بشأن سورية، تركز على البنية التحتية والنقل، وتحديث أنظمة النقل والاتصالات داخل سورية، إلى جانب تعزيز قدرات الإدارات المحلية السورية في مجالات الطيران المدني والنقل البحري والسكك الحديدية والطرق والاتصالات.
وتأتي زيارة وزير النقل اليوم بعد زيارة وزير التجارة عمر بولات الأسبوع الماضي إلى سورية وبحث تطوير التجارة والجمارك والنقل والاستثمار والطاقة بين البلدين، فضلاً عن زيادة حجم التبادل التجاري وطرح العودة باتفاقية منطقة التجارة الحرة التي أوقفها نظام الأسد المخلوع، خاصة بعد تعديل الحكومة السورية الجديدة الرسوم الجمركية مع تركيا.
ويذكر أن حجم التبادل التجاري بين سورية وتركيا بلغ عام 2010، بحسب وزير التجارة التركي عمر بولاط، نحو 2.5 مليار دولار، منها 1.84 مليار دولار صادرات تركية، بينما سجلت الواردات 660 مليون دولار. لكن تلك الأرقام تراجعت خلال الثورة السورية وقطع نظام الأسد المخلوع العلاقات مع تركيا، بل وتجريم التبادل بقرار من رئيس الوزراء وقتذاك، في حين استمر التبادل مع المناطق المحررة وبلغ حجمه ما بين 2.5 و3 مليارات دولار، ووصل عام 2024 إلى نحو 2.538 مليار دولار، منها 2.2 مليار دولار صادرات تركية وواردات بنحو 438 مليون دولار.
وكانت تركيا وسورية ترتبطان باتفاقية التجارة الحرة التي تم توقيعها في عام 2007، لكنها علّقت بعد اندلاع الثورة في عام 2011، لكن مراقبين يتوقعون، خلال زيارة الوزير التركي لدمشق، استعادة العمل بالاتفاقية وتطويرها لتعزيز التجارة والاستثمار بما يخدم مصلحة البلدين.
