"جذور" لـ توم يونغ.. لوحة تنتصر للإنسان من لبنان إلى فلسطين

منذ ١ يوم ١٥

علاقة قوية ومن نوع خاصٍّ تلك التي تجمع التشكيلي البريطاني توم يونغ (1973) بلبنان، فالفنّان الذي جاء في مهمّة لتعليم الناشئة الرسم في الضاحية الجنوبية والمخيّمات عام 2006، سُرعان ما استقرّ في بيروت منذ ذلك التاريخ، إذ وجد نفسه قد وقع في سحر هذا البلد، بمبانيه التراثية ومناظره الطبيعية وحيوية ساكنيه، وهذا ما تمثّله لوحاته التي درَج على عرضها في مناسبات عديدة، آخرها معرضٌ بعنوان "جذور"، افتُتح في 15 مارس/ آذار الجاري، بـ"حَمّام الجديد" في مدينة صيدا، ويتواصل حتى نهاية الشهر المقبل.

بدلاً من العمارات والجبال، تُركِّز لوحات يونغ هذه المرّة على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها "إسرائيل" في غزّة والعدوان الذي شنّته على لبنان، إذ ترك الحدثان أثراً في نفس الفنّان البريطاني، إذ اختار قاعة "بيت النار" لعرض لوحاته، وهي المساحة التي تأثّرت خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، إذ دمّرت قذيفة إسرائيلية سقف الغرفة، مع العِلم أنّ مبنى "حمّام الجديد" التراثي يعود بناؤه إلى عام 1720.

مشاهد لمواطنين عُزّل يواجهون آلة الحرب الإسرائيلية بأجسادهم

ويضمّ المعرض رسومات متنوّعة، تصوّر أشجار الزيتون القديمة، والدمار الذي خلفه الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وقطاع غزّة، ومواطنين يواجهون آلة الحرب؛ في محاولة من الفنّان لاستكشاف شعور الانتماء إلى الأرض التي تظلّ صامدة رغم الحرب على مدار الشهور الماضية، إذ أوضح في تصريح صحافي أنّ فكرة لوحاته إرسال رسالة دعم للشعبَين اللبناني والفلسطيني جرّاء الصَّدمة والظُّلم اللذين أصاباهما بفعل الإبادة، عبر رسم حقيقة ما حصل ليعرفه الناس، مُضيفاً "أريد إرسال رسالة ثقافية لرسم التناقض بين الظُّلم والأمل، لأن هناك اتصالاً بين الفكرتين".

ومن المَشاهد التي تنقُلها لوحات يونغ، المرأة اللبنانية التي وقفت بوجه الدبّابات الإسرائيلية بعد اقتحامها إحدى القرى الجنوبية، وفيها نلاحظ اعتماد الفنّان على شيء من التعبيرية إذ تتداخل الخطوط لتكشف عن حُطام المكان ووحشته، في مقابلةٍ بين الجسد الإنساني من جهة وآلة الموت من أُخرى. كذلك ينقل مشهد المواجهة بين الطبيب الغزّي حسام أبو صفية وقوات الاحتلال، بالاعتماد على الصورة الأخيرة لمدير "مستشفى كمال عدوان" قبل اعتقاله، والتي ضجّت بها وسائل الإعلام، لما فيها من انعدام إنسانية وتوحُّش.

بهذا يستكمل معرض "جذور" التوجّهَ العام للفنّان، الذي بدأ رحلته مع لبنان في أعقاب حرب 2006، واستمرّ في إنجاز أعماله بالتوازي مع الأحداث الكبرى التي ألمَّت بالبلد منذ ذلك الحين، كما سبق له أن استعاد في أعماله أطلال الحرب الأهلية (1975 - 1990)، ومن أبرزها لوحته عن فندق "هوليدي إن"، قبل أن يستنهض فنّياً بيوت منطقة الجمّيزة البيروتية التي دمّرها انفجار المرفأ في الرابع من آب/أغسطس 2020، في معرض احتضنه أيضاً "حمّام الجديد"، عام 2021، وحمل عنوان "إحياء".
 

قراءة المقال بالكامل