دخل قرار الحكومة الإسرائيلية حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في القدس الشرقية حيز التنفيذ اليوم الخميس. وغادر الموظفون الدوليون في الوكالة مدينة القدس الشرقية لانتهاء مفعول تصاريحهم الإسرائيلية فيما لم يحضر الموظفون المحليون في مقار الوكالة.
وكانت إسرائيل قد أمرت "أونروا" بإخلاء جميع منشآتها في القدس الشرقية ووقف عملياتها فيها بحلول اليوم. وجاء القرار في رسالة وجهها الممثل الدائم لإسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يوم 24 يناير/ كانون الثاني الجاري. وقال إنه "يتعين على الوكالة التوقّف عن أنشطتها في القدس منذ اليوم الخميس 30 يناير، كما هو محدد في القانون، وإخلاء جميع المباني التي تعمل منها، أي مقراتها ومؤسساتها". وزعم دانون أن "حماس ومنظمات أخرى اخترقت أونروا منذ فترة طويلة"، وأن "إصرار" الأمين العام للأمم المتحدة على "إنكار وتجاهل الأدلة التي قدّمتها إسرائيل بشأن عدم حيادية المنظمة والإرهاب داخلها، أجبر إسرائيل على التصرف بمسؤولية تجاه مواطنيها، والرد ووقف التعاون مع المنظمة"، على حد وصفه.
واتّهمت اسرائيل على مر السنوات "أونروا" بأن نشاطاتها ترتبط أحياناً بمنظمات "إرهابية"، بما في ذلك استخدام منشآت الوكالة لتخزين الأسلحة والتحريض ضد إسرائيل، وهي المزاعم التي عادت لتكررها بقوة خلال حرب الإبادة على قطاع غزة واستهدافها العديد من المنظمات الإنسانية أيضاً وفرقها. وعلى الساحة الدولية، لطالما بذلت حكومات الاحتلال المتعاقبة جهوداً لتغيير النهج الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتقويض وضع "أونروا" أمام العالم وتقليل تأثيرها.
وكان المتحدث باسم وكالة أونروا، جوناثان فولر، قد قال أمس: "جرى تقصير مهلة التأشيرات للموظفين الدوليين لتنتهي اليوم (29 يناير) وهو ما يعادل الطرد. لذا، أنا وبقية الزملاء الدوليين الذين كانوا في مقر الوكالة في القدس اليوم، انطلقنا إلى عمان (الأردن)، وقد وصلت للتو إلى الأردن".
وأضاف: "التزامنا بالامتثال للقرار ينشأ من حقيقة أن أي شخص يعمل لصالح الأمم المتحدة في أي مكان لا بد أن يحصل على تأشيرة من البلد أو السلطات التي يعمل بها. ونحن لا نمارس عملنا في ظل انتهاك للقانون حتى لو كان يعني أن نفعل ذلك مكرهين، وهذا يعادل إعلاننا أشخاصاً غير مرغوب فيهم. كان لزاماً علينا الامتثال، ولم يكن لدينا أي خيار آخر". وتابع: "الموظفون الدوليون في المقر الرئيسي نُقلوا إلى مكان آخر حتى يتسنى لنا استئناف عملنا، والذي بالطبع ليس لدينا أي رؤية بشأنه".
وأردف: "أما الموظفون المحليون، الذين يشكلون بالطبع الأغلبية بين موظفينا، فلن يكونوا موجودين في المجمع بسبب المخاطر التي يمكن أن يواجهونها، خاصة عندما تكون هناك تظاهرات تنظمها حركات إسرائيلية مختلفة حول المقر في القدس الشرقية".
وكانت الأمم المتحدة قد دعت إسرائيل مراراً للتراجع عن القرار ولكن بدون جدوى. وردت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء الأربعاء، التماساً قدمه المركز القانوني لحقوق العرب في إسرائيل "عدالة" لإصدار أمر قضائي مؤقت بوقف الإجراءات ضد "أونروا". وقال مركز عدالة (غير حكومي) في بيان: "رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية طلباً بإصدار أمر قضائي مؤقت تقدّمت به مؤسسة عدالة مع التماسها ضد قانونين يهدفان إلى وقف عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
تركز الحملة الإسرائيلية في إطار الحظر، على عمل مؤسسات "أونروا" في القدس المحتلة، حيث توجد مراكز صحية وتعليمية، من بينها سبع مدارس، ومعهد جامعي، ستتوقف جميع أنشطتها، التي يستفيد من خدماتها أكثر من 110 آلاف لاجئ فلسطيني، يتركز وجودهم في مخيم شعفاط، إلى الشمال من مدينة القدس، وفي البلدة القديمة ومحيطها.
وقامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس "أونروا" في عام 1949، وفوّضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة إلى أن يجري التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. وتعمل الوكالة في الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسورية. ويجري تمويلها بالكامل تقريباً من خلال التبرعات الطوعية. وفي 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، صدّق الكنيست نهائياً وبأغلبية كبيرة على قانونين يمنعان "أونروا" من ممارسة أي أنشطة داخل إسرائيل، وسحب الامتيازات والتسهيلات منها، ومنع إجراء أي اتصال رسمي بها.
(الأناضول، العربي الجديد)
