مصر... البحث عن بدائل رخيصة لوجبات رمضان

منذ ٥ أيام ٢٦

تنشغل الأسر المصرية، خلال شهر رمضان، بالتحضير لموائد الإفطار والسحور، ولكن هذا العام يبدو مختلفاً، إذ بات البحث عن وصفات الأكلات بأقل الأسعار أولوية للكثيرين، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية، مما دفع العديد من العائلات، لا سيما ذوي الدخل المحدود إلى ابتكار بدائل اقتصادية للتكيف دون التخلي عن جوهر الشهر الكريم، الذي لطالما كان موسماً للترابط والتراحم بين المصريين.
وخصّصت منصات التواصل الاجتماعي مساحات كبيرة لمشاركة الوصفات الاقتصادية، حيث تقدم العديد من المجموعات النسائية وقنوات الطبخ نصائح حول تحضير وجبات رمضانية بأقل التكاليف.

وبينما كانت موائد الإفطار عامرة بالأطعمة والموائد العائلية، اضطر كثيرون إلى تقليص مصروفاتهم وإعادة ترتيب أولوياتهم.
تجلس نجلاء حسن، ربة منزل وأم لثلاثة أبناء، أمام هاتفها المحمول، تتصفح مواقع الطهي بحثاً عن وجبات اقتصادية تكفي أسرتها دون إرهاق ميزانيتها. تقول لـ"العربي الجديد": في السنوات الماضية، كنت أجهّز قوائم الأكلات لشهر رمضان قبلها بأسابيع، أما الآن فأبحث عن طرق جديدة للطهي بأقل التكاليف، مثل استبدال اللحوم، وتقليل استخدام الزيوت والسمن.

وتوضح أن ارتفاع الأسعار فرض على غالبية الأسر المصرية تحدياً يومياً لتوفير الوجبات خلال شهر رمضان ما يستلزم إعادة ترتيب أولوياتنا الغذائية، والاقتصاد في مكوناتها، فبعد أن كنا نشتري كميات كبيرة من اللحوم والدواجن للشهر كله، الآن أصبحنا نكتفي بيوم واحد أسبوعياً، ونتجه أكثر نحو الخضراوات والبقوليات، خاصة مع ارتفاع سعر كيلو اللحمة إلى أضعاف ما كان عليه قبل عامين.

وفي أحد الأسواق الشعبية بالإسكندرية، تروي أم محمود، بائعة خضار، كيف تغيرت أنماط الشراء لدى الزبائن بعد أن تضاعفت أسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية، قائلة: "الناس أصبحت تسأل على الحاجات الرخيصة الأول، وبات الكثير يُفضل استخدام الخضراوات المجمدة عن الطازجة".

وتوضح لـ"العربي الجديد" أن بعض الأسر أصبحت تشتري هياكل وأعضاء الدجاج فقط، وإعدادها ضمن وجبة على المائدة، خاصة أن سعرها أقل بكثير، مقارنة بأسعار الدجاج، فيما يلجأ البعض إلى الاستعانة بالعظام من الجزار.
فيما يؤكد حازم أحمد، موظف، أنه يحاول الحفاظ على الطقوس الرمضانية الضرورية قدر المستطاع واتباع استراتيجية مرنة حسب الميزانية المتاحة لتجهيز وجبات الإفطار والسحور لأسرته المكونة من 4 أفراد، بعد أن دفعة الغلاء إلى الاستغناء عن المواد غير الضرورية على المائدة خلال شهر الكريم، والاكتفاء ببدائل أرخص جرى إعدادها في البيت.
وتتفق معه سمر محمد، مدرسة، قائلة: غالبية الأسر تعاني خلال شهر رمضان خاصة والدخل الشهري لم يعد يكفي لسد الاحتياجات، في ظل ارتفاع الأسعار التي عادة ما تكون أعلى من أي أيام أخرى خلال العام، لا سيما في ظل الزيادات المستمرة في أسعار الكهرباء والوقود والمواصلات، وكلها مصروفات أساسية، ما يشكل عبئاً مالياً إضافياً.

أما رئيس جمعية حماية المستهلك بالإسكندرية (شمال القاهرة)، جمال زقزوق، فيؤكد أن المصريين لديهم قدرة على التكيف مع الأزمات الاقتصادية، إذ لجأ العديد من الأسر إلى ترشيد استهلاك بعض السلع الأساسية مثل اللحوم واستبدالها بالأرخص، والاعتماد على وجبات نباتية مثل العدس والفول والبطاطس لتوفير البروتين، وهو ما ظهر جلياً في توجه الناس نحو وصفات الطهي التي تتطلب مكونات بسيطة وغير مكلفة لتوفير وجبات مغذية وغير مكلفة.

ويؤكد أن الذكاء في استغلال المكونات المتاحة يساعد الأسر على تجاوز الأزمة، والمصريون دائماً ما يثبتون قدرتهم على التكيف مع الأوضاع الاقتصادية المختلفة، إلا أن الخطورة في التماهي في هذه الأساليب لمواجهة ارتفاع الأسعار بالبحث والاعتماد على أطعمة رخيصة وغير صحية تساعد على الشبع، ما يؤدي إلى مشكلات صحية والتعرض للإصابة بأمراض خطيرة.

من جانبه، يفسر الخبير الاقتصادي، خالد سالم، لجوء المصريين إلى وصفات الطعام الرخيصة بأنه انعكاس مباشر لتراجع القوة الشرائية للأسر المصرية، بفعل ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة أسعار السلع الغذائية عالمياً ومحلياً، مما أدى إلى تغيير جذري في سلوكيات الاستهلاك الغذائي لدى المواطنين، خاصة في الشرائح ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
ويوضح سالم أن التضخم المستمر تسبب في زيادة أسعار جميع الخدمات والسلع، خاصة الأساسية من الطعام والشراب، مثل اللحوم والدواجن والأسماك ومنتجات الألبان والخضراوات، ما جعل العديد من الأسر غير قادرة على شراء الكميات التي كانت تستهلكها سابقاً.
ويشير إلى أن هناك تحولات واضحة في نمط الشراء انعكست على موائد رمضان التي ستتغير كثيراً، سواء بتقليل الكميات أو اختفاء أصناف شهيرة.
وحسب بيانات حديثة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، انخفض التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 12.8% في فبراير/شباط، وذلك مقارنة مع 24% في يناير/كانون الثاني، وفي المقابل أكد مراقبون أن هذه البيانات غير دقيقة ولا تعكس الواقع، حيث يعاني الشارع من موجات متتالية من ارتفاع الأسعار.

قراءة المقال بالكامل