تعرضت أسعار الذهب لحالة من التذبذب المستمر والتغيير اللحظي بقيمة البيع بين التجار والمعروض أمام المستهلكين بأسواق الصاغة في مصر. وأشعلت تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حول شنّه حرباً تجارية ضد كولومبيا، وتهديده للدول الرافضة لسياسات التهجير القسري التي ينفذها ضد اللاجئين، نار الذهب عالمياً، وأربكت السوق المحلي الذي يعاني وفقاً لتصريحات كبار تجار الصاغة الرئيسية بالعاصمة "من حالة ركود بشعة وغير مسبوقة".
وفي الصدد، أوضح الخبير في سوق الذهب أحمد سرحان، أن حالة الشراء والبيع شبه متوقفة منذ أسابيع، مشيراً إلى أن الزيادة الكبيرة في سعر الذهب عالمياً، مع تراجع قيمة الجنيه، صنعت ركوداً تضخمياً هائلاً، يظهر أثره في زيادة العرض، مع ندرة الطلب على شراء المصوغات الذهبية والسبائك في آن واحد.
ويشير سرحان إلى اختفاء السيولة من سوق الذهب، وتوجه حاملي السيولة إلى الشهادات البنكية ذات العائد المرتفع، وحبس ما لديهم من سيولة بالدولار توقعاً لارتفاع سعره مقابل الجنيه، خلال الأسابيع المقبلة، مع عدم المخاطرة بشراء مزيد من الذهب مع ارتفاع سعره إلى مستويات قياسية خلال الأسابيع الماضية، دفعت المستهلكين إلى عدم التوسع في شرائه بصفة مخزن للقيمة.
وأشعلت حرب الرسوم الجمركية التي قررها الرئيس الأميركي ترامب ضد دولة كولومبيا، برفع قيمة الجمارك بنسبة 25% على الواردات القادمة منها لرفض رئيسها استقبال الطائرات الأميركية العسكرية المحملة بالمهاجرين المرحلين قسرياً من داخل الولايات المتحدة، فردّ الرئيس الكولومبي بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50%، على كل البضائع الأميركية.
وانتقلت آثار التصريحات المتصاعدة بين الطرفين إلى أسواق المال وبورصة الذهب، التي كانت تشهد هدوء ما قبل العاصفة المرتبطة باقتراب موعد إعلان مجلس الاحتياطي الأميركي (البنك المركزي) عن سعر الفائدة على الدولار اليوم الأربعاء. وغيرت التصريحات توقعات الخبراء، التي انحسر أغلبها حول توجه الفيدرالي الأميركي لخفض الفائدة بنحو 25 نقطة، ضمن الهبوط الناعم لسعر الفائدة، الذي بلغ 4.25%، لإنهاء سياسة التشدد النقدي التي يتبعها الفيدرالي الأميركي، منذ عامين للحد من معدلات التضخم ومؤشر أسعار المستهلكين. ودفعت حالة الانتظار أسعار الذهب نحو الهبوط النسبي، فإذا بتصريحات ترامب تؤجج البورصات العالمية، وأسواق الذهب المحلية.
وراوح سعر الغرام عيار 21 الأكثر تداولاً يوم الاثنين، بين 3835 و3855 جنيهاً، بزيادة عشرة جنيهات، بينما بلغ سعر العيار 24 نحو 4405 جنيهات، وعيار 18 ما قيمته 3304 جنيهات، وعيار 14 الأقل نقاءً 2570 جنيهاً، والجنيه الذهب 30 ألفاً و804 جنيهات والأوقية 137 ألفاً و18 جنيهاً، عقب قفزة سريعة بسعر الأونصة من 2755.99 دولاراً في الساعات الأولى من صباح الاثنين، إلى 2769.2 دولاراً.
واليوم الأربعاء، لم يطرأ تغير يذكر على أسعار الذهب مع توخي المستثمرين الحذر قبيل صدور قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي بخصوص أسعار الفائدة في وقت لاحق من اليوم، وذلك في الوقت الذي يعكفون فيه على تقييم تداعيات السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب. ولم يشهد الذهب تغيراً يذكر في المعاملات الفورية ليستقر عند 2762.89 دولاراً بحلول الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش. وارتفعت العقود الأميركية الآجلة 0.1% إلى 2771.5 دولاراً، بحسب رويترز.
ورصدت شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الغرف التجارية، زيادة بنحو 120 جنيهاً بسعر غرام الذهب بالأسواق المحلية، خلال 3 أشهر، بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 3.4%، متأثرة بزيادة سعر الأونصة بالأسواق العالمية.
وتشهد أسعار الذهب هبوطاً ناعماً منذ بداية الأسبوع، متأثرة بالتقلبات السعرية بالأسواق الدولية، وندرة الطلب المحلي للسبائك والأعيرة المختلفة بسوق الصاغة. ويُبدي مستهلكون مخاوفهم من زيادة تكلفة اكتناز الذهب، مع زيادة سعر الدولار في البنوك، إلى مستوى 5.3 جنيهات، بينما ينخفض الدولار في سوق الذهب إلى 49.47 جنيهاً، مع زيادة الأعباء الضريبية والرسوم المصنعية.
وفي السياق، يتوقع عضو شعبة الذهب محمد سعيد، أن يسود الهدوء سوق الذهب، خلال فبراير/شباط المقبل، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع طفيف بالأسعار، في إطار تصحيحي للمنحنى الصاعد للأسعار، مع العودة للصعود من جديد، بنهاية مارس/آذار المقبل، مع موسم الأعياد، ورصد نتائج قرارات الرئيس ترامب الداعمة للمستثمرين ومجتمع الأعمال، وخطط الفيدرالي الأميركي للهبوط بمعدلات الفائدة على الدولار، خلال العام الجاري. تأتي التوقعات مخالفة لآمال مجلس الذهب العالمي، الذي يتوقع صعوداً كبيراً في أسعار الذهب على مدار عام 2025، ليصل سعر الأونصة إلى مستوى 3000 دولار عند نهايته.
ويقدر محللو بنك "جي بي مورغان" أن يصل متوسط سعر أونصة الذهب إلى 2950 دولاراً، مع إمكانية كسره حاجز 3000 دولار للأونصة بنهاية 2025، مدفوعاً بالتوترات السياسية، والطلب على الذهب من البنوك المركزية والمستثمرين.
